شيطنات العقائد والنيات والأعمال وسائر الطويات ، مهما تظاهر بمظاهر الحسنات.
(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) (٣٩).
«ماذا عليهم» أولئك الأنكاد ، والحماقي البعاد ، قرناء الشيطان ، والغرباء عن الرحمن.
«ماذا عليهم» إضرارا بهم في حياتهم الإنسانية فضلا عن الإيمانية (لَوْ آمَنُوا بِاللهِ ...) حيث أحالوا على أنفسهم الإيمان بسوء صنيعهم واختيارهم السوء (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) قبل افتعالاتهم اللّاإيمانية وعندها وبعدها ، فهم لم يؤمنوا بالله ولا باليوم الآخر ولم ينفقوا مما رزقهم الله في سبيل الله ، فما ينفقون ـ حين ينفقون ـ إلّا نفاقا ورئاء الناس ، في شهوات وغايات حيوانية ومصلحيات ، متجردين عن وجه الله ، متفردين في كل وجوه الشهوات.
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) ٤٠.
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) وهي أقل كائن في الكائنات ، فإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف خوفة على كيانه النحيف ، بل (وَإِنْ تَكُ) «ذرة» العقيدة والنية والعملية (حَسَنَةً يُضاعِفْها) فضلا من عنده ورحمة (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ) لصاحب الحسنة (أَجْراً عَظِيماً).
فالعقوبة إنما هي قدر السيئة عقيديا أو عمليا دون النية المجردة ، أم قد تنقص عن السيئة حين لا تنافي العدالة الربانية ، والمثوبة مضاعفة من لدنه أجرا عظيما حسب سعة الرحمة وصالح القابلية والفاعلية.