ثم وقضية العدل في (لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) الجزاء الحسنى بأية حسنة مهما تغلبت عليها السيئة فهل «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان» (١)؟
أقول : لا ، فيما (أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) حيث تذوب في خضمّها حسنة الإيمان ، ثم لا فيما يحكم عليه بأبدية الخلود في النار حيث تحبط عنه حسنته.
ثم اللهم نعم حين يبقى إيمانه مع سيئاته ، حيث التسوية بين المؤمن وإن بمثقال ذرة مع الكافر الذي لم يؤمن مثقال ذرة ، إنها تسوية ظالمة.
وعلى أية حال ليس (لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) بالتي تحكم بخروج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان من النار الى الجنة على أية حال مهما كان ذلك من موارده حسب شروطه.
وقد يعنى من «مثقال» الثقل أيا كان ، وليس لحسنات الكافر أي ثقل في الميزان لأنها حابطة خابطة ، وقد يجزى بها يوم الدنيا (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١ : ١٦).
(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) ٤١.
هنا «كل أمة» تعني الأمم الرسالية الخمس حسب الشرائع الخمس ، فلكلّ شهيد على حسناتهم وسيئاتهم «وجئنا بك» يا آخر الشهداء «على هؤلاء» الأمة المرحومة ، و «على هؤلاء» الأمم بشهدائهم «شهيدا» فأنت ـ إذا ـ شهيد الشهداء (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٦٣ عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : «يخرج من النار ...» قال أبو سعيد : فمن شك فليقرأ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ).
(٢) الدر المنثور ٢ : ١٦٣ عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اقرأ ـ