الموت (لا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) إذ لا يستطيعون هناك أن يكتموا الله حديثا منهم وقع وعليهم تفرّع ، رغم تحسّبهم هناك أنهم يكتمون الله حديثا.
فكل حديثهم هناك أمام الله جلي ، بل ولكل أهل الحشر وعلى رؤوس الأشهاد (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٠ : ١٦) (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) (٦٩ : ١٨) (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٣ : ٥) (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) فكيف يكتمون الله حديثا؟!.
ترى وفي وجه الخبر ل (لا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) كيف هم يكتمون بما يحلفون (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) (٥٨ : ١٨)؟.
إنهم «لا يكتمون» واقعيا مهما حاولوا الكتمان بحلف أو أيا كان ، فليس «لا يكتمون» تختص باختيارهم عدم الكتمان ، بل وهو واقع الكتمان حيث لا يستطيعونه إذ لا يخفى على الله منهم شيء مهما اكتتموا.
وكيف (يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) وقد «ختم على الأفواه فلا تكلم وكلمت الأيدي وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا» (١).
وحتى حين يتكلمون ويحلفون بالله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) لم يكتم حلفهم عن الله حديثا ، فإنه يعلم السر وأخفى ، ثم الشهود الأربع تشهد ما لا يمكن إنكاره!.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٨٣.