ذلك ، وأما القرآن فقد قضى على هذه الظاهرة المعمقة في المجتمع الجاهلي ببضع آيات منه ، مهما صمد صامدون على شرب الخمر حتى نزلت آية المائدة.
فالمنهج الرباني عالج المشكلة المتغلغلة في الخمر ببضع آيات في مرحلية تصاعدية بكل رفق وتؤده وكسب تلك المعركة الشعواء العشواء دون حروب أو تضحيات وإراقة دماء ، والذي أريق في هذه المعركة كان فقط دنان الخمر وزقاقها وجرعاتها في أفواه الشاربين حين كانوا يسمعون آيات التحريم تترى هنا وهناك.
هذه الآيات كانت طرقات تسد عن المجتمع الإسلامي كل الطرقات الى الخمر ، طرقات ذات الأصوات المسموعة في الضمير الإيماني مهما صامدون على شربها حتى نزلت (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).
يقول عمر في قصة إسلامه «كنت صاحب خمر في الجاهلية فقلت لو أذهب الى فلان الخمار فأشرب» (١).
لا فحسب في جاهليته قبل إسلامه بل وبعده أيضا طيلة الآيات الأربع النازلة بحرمتها فعنه أنه قال ـ لما نزل تحريم الخمر ـ اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فإنها تذهب المال والعقل فنزلت الآية التي في البقرة (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ..) فدعي عمر فقرءت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في النساء : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ..) فكان منادي الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا أقيمت الصلاة ينادي ألا يقربنّ الصلاة سكران فدعي عمر فقرءت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت
__________________
ـ كذلك ٥٣٢٣٣٥ نفسا وبلغت الغرامات ١٦ مليون جنيها وصادرت من الأملاك ما يبلغ ٤٠٠ مليون واربعة بلايين جنيها وبعد ذلك كله اضطرت إلى التراجع والغاء القانون»!.
(١) في ظلال القرآن ٣ : ٣٧٦ للسيد قطب.