ومثل هذه الشربة اللعينة هي التي استنزلت آية النساء (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) حيث صلّى رجل بآخرين وهو سكران فقرء (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) فخلط فيها فنزلت : (لا تَقْرَبُوا ..) (١) وفي لفظ قرء (أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢).
هنا في (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) نجد علاجا أدبيا في ترك السكر بخمر وسواها ، وهو سلبية الصلاة ـ وهي عمود الدين ـ عن وجوبها إلى حرمتها حالة
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٦٥ ، أخرج في من هذا لفظين أحدهما انه عبد الرحمن وثانيهما انه علي (عليه السّلام) وعوذا بالله كما أخرجه ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد صنع لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلّى علي بهم المغرب فقرأ سورة الكافرون وقال فيها ليس لي دين وليس لكم دين فنزلت وفيه عنه (عليه السّلام) قال صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت «قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون» فأنزل الله (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ ..) وفيه عنه (عليه السّلام) أن من صلّى بهم هو عبد الرحمن.
أقول : تعارض الرواية فيمن صلّى بهم وأن مثل أبي بكر وعمر ما كانا يقدمان عليا في الصلاة يجعلان هذه الفرية الهاتكة مقبورة مع الأبد ، مع ما ورد ان عمر هو الذي حده الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قصة عبد الرحمن نفسه الذي هو أحد الإمامين في هذه الصلاة الملعونة.
(٢) حقائق التأويل للسيد الشريف الرضى ٥ : ٢٣٨ وفيه ردا على الفرية الملعونة على أمير المؤمنين روى القطان في تفسيره على ما نقله عنه ابن شهر آشوب في كتاب المناقب عن عمرو بن حمران عن سعيد عن قتادة عن الحسن البصري قال : اجتمع عثمان بن مظعون وأبو طلحة وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسهيل بن بيضاء وأبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقاص فأكلوا شيئا ثم قدم إليهم شيئا من الفضيح (وهو عصير العنب وشراب اتخذ من البسر وحده من غير أن تمسه النار) فقام علي (عليه السّلام) ليخرج من بينهم فقالوا له في ذلك فقال : لعن الله الخمر والله لا أشرب شيئا يذهب بعقلي ويضحك بي من رآني وأزوج كريمتي ممن لا أريد وخرج من بينهم فأتى المسجد وهبط جبرئيل بهذه الآية (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) فقال علي (عليه السّلام) تبا لها ـ يعني الخمرة ـ والله يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا».