(أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) حال أنهم (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) وهي الآيات الدخيلة والمحرفة في الكتاب ، أم المؤولة بغير تأويلها ، ثم (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا) أنتم «السبيل» كما هم.
ومن اشتراءهم الضلالة بالهدى بقاءهم على ما هم عليه من شرعة منسوخة ولو لم تكن محرفة ، حيث الشرعة المنسوخة محظورة كما التخلف عن أصل الشرعة الربانية محظور.
ولقد كانت شرعة التوراة لهم هدى قبل القرآن ثم هي هدى لهم إلى شرعة القرآن ، وهم تركوا الهديين التوراتيين إلى الضلالة حيث ظلوا هودا وأضلوا كثيرا وهم أولاء (يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ)! طمسا لمعالم الهدى عن بكرتها حتى يعيشوا هم مع المهتدين في سواء الضلال وسوآته.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) (٤٥).
هو أعلم منكم بأعداءكم فيعرّفكم إياهم لكي تتحذروهم (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) لكم دون عباده ككل فضلا عن هؤلاء الأنكاد (وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) لكم عن بأسهم ، فهو الذي يلي أموركم وينصركم.
(مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٤٦).
«من» هنا قد تعني كلا البيانية والتبعيضية ، بيانية عن (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً) وتبعيضية بالنسبة ل (الَّذِينَ هادُوا) فليسوا كلهم هكذا ، فإنما هم بعضهم.
وتحريف الكلم عن مواضعه يعم كلام الله وكلام رسول الله وكلامهم معه