والأصل الكتابي المانع من زواج الكتابية على المسلمة استلزامه إيذاءها ، والتسوية بينهما في حقوق الزوجية ، ولا تسوية بين المؤمنة والكافرة ، ولا سبيل للكافر على المؤمن وهنا السبيل أن لها حقا عليها في القسم نفقة ومضاجعة.
لذلك يجوز التمتع بهن على المسلمة لعدم التسوية فيه (١) ولا سيما إذا كان سرا لا تعلمه حيث لا إيذاء ولا تسوية ولا سبيل ، فإن علمت فلا لمكان الإيذاء مهما لا تكون تسوية هنا ولا سبيل ، فشرط عدم إضلالهن إياكم أو أولادكم ، وعدم الظلم بحق المسلمة ، شروط ثلاث لأصل الجواز ، وقد يجب نكاح الكتابية أمرا بمعروف كأن يرجى به إيمانها ، أم يرجح حيث لا ضرر في زواجها ، ولا نفع إلا احصانه عن شبق الجنس ، وقد يجب ، فزواج الكتابيات منقسم إلى كل الأحكام التكليفية إلا الإباحة المتساوية الطرفين ، فقد يجب زواجهن تقليلا لانسيال الكفار وتكثيرا لانسيال المؤمنين وما أشبه كما في بلدة مثل لبنان ، وقد يحرم حين يخاف من إضلالها له أو لولده حيث (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) تعم كل حقول الإضلال مهما كان وارد النص الأزواج المضلّلين.
إذا ففي سماح الزواج بالكتابيات سياسة الجذب لهن إلى الإسلام ، أم إيلادهن مسلمين ، والمرأة بطبيعة الحال تابعة لرجلها في أكثرية الأحوال والعكس قليل ، فلذلك لا يجوز زواج المؤمنة بالكتابي مع جواز العكس.
وأما زواج المؤمن بالمشركة أو الملحدة أو الموحدة غير الكتابية فمحظور للبعد البعيد بينهما ، وحقل النكاح هو حقل الوصل بين المتكافئين ، وخط المواصلة كتابيا بين المؤمن والكتابية يجعل بينهما تكافئا مّا ، دون غير الكتابية
__________________
(١) ومما يدل عليه موثق الحسن بن علي الفضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال : «لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة» وعن زرارة قال سمعته يقول : «لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية وعنده امرأة» (التهذيب ٣ : ١٨٨).