إذا فعلينا أن نسبر أغوار البحث فهيأ استحصالا لما يريد الله واستئصالا لما لا يريده الله ، مما اختلق بين فقهاء يحمّلون آراءهم أو إجماعاتهم وشهراتهم ورواياتهم المذهبية على كتاب الله وسنة رسول الله (ص)!.
وإنما يخاطب هنا (الَّذِينَ آمَنُوا) بفرض الطهارات الثلاث؟ لأنهم ـ فقط ـ هم الذين يقومون إلى الصلاة بالفعل ، مهما كانت مفروضة على كافة المكلفين ، كما ويندد بالكفار التاركين إياها (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٧٤ : ٤٣) فلا يؤمر الكفار بالصلاة لأنهم لا يقومون إليها فضلا عن الصلاة المشروطة بالطهارة ، فهي مفروضة عليهم كماهيه ، ولكن توجيه الخطاب لتحقيق الطهارة تقدمة للصلاة إلى التارك لها حيث لا يعتقدها ، إنه عبث لا طائل تحته ، كأن يؤمر الذي ليس ليصعد على السطح بنصب السلم.
فذلك خطاب الإيمان تحقيقا لأبرز مظاهره البواهر ، بيانا لشريطة هامة من شرائط الصلاة في مظهرها : الطهارة الحدثية ، فبأحرى تحقيق شريطة الطهارة القلبية مع القالبية ، فإنها لب الطهارة وهي قشرها.
وترى ماذا تعني (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)؟ وليس القيام ـ كأصل ـ شرطا لفرض الطهارات!.
هنا «القيام إلى الصلاة» دون «القيام للصلاة» أو «القيام في الصلاة» مما يحسم مادة التنازع في : ماذا يجب أن يقدّر حتى تصلح العبارة؟!
فلا تقدير هنا إلا التدبر في ألفاظ الآية ، ليظهر لنا أن كل تقدير لا برهان عليه إنما هو تغدير وتعتير ، وقد يروى عن النبي (ص) قوله متابعة لنص الآية : «إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» (١).
__________________
(١) الوسائل ب ٤ من أبواب الوضوء ح ٥.