فالقيام إلى الصلاة وإلى كل أمر ليس إلّا الاستعداد لها فعليا لتحقيقها ، دون مجرد القصد والإرادة فإنها تناسب وإرادة الصلاة بعد ساعات أو أيام. (١)
فليس هو القيام في الصلاة حتى يقال : كيف تجب الطهارات حالة قيام الصلاة نفسها ، ولا القيام للصلاة حتى يقال : إنه لا فصل بينه وبين الصلاة حتى تتحقق الطهارات ، إنما هو (قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) من أية حالة ، نوما (٢) ويقظة ، شغلا ودون شغل ، فكما يقال : إذا قمت إلى الجهاد فخذ حذرك وسلاحك ، وإذا قمت إلى السفر فخذ عدّتك للسفر ، ولا يعني القيام فيها
__________________
(١) فلسنا بحاجة إلى تقدير كما فعله المحقق الأردبيلي في الزبدة أن التقدير : إذا أردتم الصلاة مثل إذا قرأت القرآن ، فأقيم مسبب الإرادة مقامها للإشعار بأن الفعل ينبغي ألا يترك ولا يتهاون فيه.
وكما في كنز العرفان للفاضل المقداد : إذا أقمتم : قيام الصلاة قسمان قسم للدخول فيها وقيام للتهيئة بها والمراد هو الثاني وإلا لزم تأخير الوضوء عن الصلاة وهو باطل إجماعا فلذلك قيل المراد على الأول : إذا أردتم القيام.
وفي قلائد الدرر للجزائري ، المراد به إرادته والتوجه إليه إطلاقا للملزوم على لازمه أو السبب على مسببه ، إذ فعل المختار تلزمه الإرادة.
(٢) هنا موثقة ابن بكير تفسّر القيام بما يكون عن نوم ، قال قلت لأبي عبد الله (ع) : قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ما يعني بذلك؟ قال : «إذا قمتم من النوم».
أقول : قمتم من النوم تفسير بمصداق مختلف فيه بين الأمة من الأحداث في غير نوم الاضطجاع ولو صح الاستدلال بطليق القيام لخاصة القيام عن النوم ، لصح لسائر القيام بأحرى بدليل الإطلاق ، فليكن القيام من أي قعود ومن أي فعل ـ أيضا ـ من الأحداث مهما لم يقل به أحد ، فانحساب النوم من النواقض حيث القيام عنه قيام إلى الصلاة لا يناسب ساحة العصمة القدسية اللهم إلا بيانا لفتوى المعصوم في المسألة ، المستفادة من مثل قوله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ ...) وذلك يعم كل نوم وقد تواتر عن النبي (ص) أن النوم ناقض للوضوء(آيات الأحكام للجصاص ٢ : ٤٠٥) يقول فيه : «وقد روى عن النبي (ص) أخبار متواترة في إيجاب الوضوء من النوم».