كان الله معه فلا شيء ضده أم هو هباء منثور لا وجود له أمامه ولا أثر ، إذا فلن يضل عن سواء السبيل ، فإن هذه المعية الربانية تهديه كما هي تكفيه ، فإن قربه من الله يطمئنه ويسعده ، مضمونة له الحياة السعيدة.
(إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) دون (قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) فإقام الصلاة تعني معنى زائدا على القيام إليها ، أن تقام في كل متطلباتها ظاهريا وباطنيا ، فرديا وجماعيا ، كما هي مسرودة في الكتاب والسنة ، أن تصبح الصلاة صلات متواصلات بالله ناهية عن الفحشاء والمنكر حيث تقام لذكر الله وهو المنعة المنيعة عن كل فحشاء ومنكر.
وقد يعني تقديم إقام الصلاة وإيتاء الزكوة على الإيمان بالرسل وتعزيرهم ، أن الأولين كانا لهم أسهل قبولا مهما لم يؤمنوا تماما ، أم إن القصد من «رسلي» هم غير من هم كانوا به مؤمنين كموسى (ع) فليؤمنوا بالمسيح ومحمد عليهما السلام ، وليؤمنوا بمن قبل هؤلاء الرسل ، أم إن القصد كمال الإيمان برسلهم وأصل الإيمان بكماله بسائر الرسل.
ثم الوجه في تأخير (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) أنه قضية إقام الصلاة وإيتاء الزكوة والإيمان بالرسل ، أن يقطعوا عن أنفسهم لله ما يصح ويمكن قطعه ، قطعا لأنفسهم ونفائسهم في سبيل الله ، الشامل لكامل الجهاد بكل أبعاده في هذه السبيل.
فليس إقراض الله قرضا حسنا ليختص بقرض المال ، بل وبأحرى قرض النفس والحال ، أن يقطع الإنسان كافة علاقاته في الله ، وينقطع كليا إلى الله ، فلا ينحو إلى سواه على أية حال وذلك هو القرض الحسن مهما كان درجات.
(وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) وهي زكاة كل شيء يمكن أن يزكى علما وفهما وتعقلا ومالا وحالا على أية حال ، وهي من المال هو الزائد عن حاجيات الحياة