«نور» غير المعني من الكتاب ، فهو «رسولنا» النور ، كما وتدل عليه (سِراجاً مُنِيراً) (٣٣ : ٤٦) مهما كان القرآن معه نورا (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (٤ : ١٧٤) ولكنه مع القرآن نور كما القرآن معه نور (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فهما كالظرف والمجرور إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.
فلا أصدق تعبيرا عن قرآن محمد ومحمّد القرآن من «نور» نور تشرق به كينونته فتشفّ وتخفّ وترفّ ويشرق به كل شيء أمامه ، وهكذا نجد وفقا بين عديد ذكر النور والقرآن في القرآن وهو (٦٨) مرة!.
ثم إن «رسولنا» هو «نور» كما أن (كِتابٌ مُبِينٌ) نور ، نور في عقليته ، نور في حاله ومقاله وفعاله ، نور في اتجاهاته وتوجيهاته ، فلذلك مثّل به في آية النور : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فأين هو مثل نوره؟ : «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجالا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ..» (٢٤ : ٣٧).
ذلك ، وقد تعني «نور» هنا كلا النورين ، كما (كِتابٌ مُبِينٌ) قد تعني كلا الكتابين وهكذا (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (٣٦ : ٦٩) فالرسول هنا قرآن مبين ، مما يؤكد كون القرآن الرسول مع القرآن الكتاب ، وكون النور القرآن مع الرسول ، فرقدان لا يتفارقان فيما يحويه القرآن إلّا في خلود القرآن حاضرا دون الرسول.
(نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) ومما يبينه ذلك الكتاب النور أن ما جاء به هو نور رسالي من خالق النور وباعثها ، كما ويبين كل شرائع الدين دون إبقاء.
ومن مواصفات (كِتابٌ مُبِينٌ) :