و (يُبَيِّنُ لَكُمْ) ما تختص به هذه الشرعة الأخيرة ، فقد بيّنت لكم (يُبَيِّنُ لَكُمْ) أن هذا الرسول يبين كل شيء تحتاج إليه الأمة الرسالية إلى يوم الدين : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧ : ٥٢) ـ (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧ : ٢٠٣) (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (١٠ : ٥٧). (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٢ : ١١١).
ذلك وبصورة عامة (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٦ : ٦٤).
فتبين القرآن ـ وعلى ضوءه السنة ـ يحلّق على السلبيات المفروضة في الشرعة الأخيرة (لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) والإيجابيات المؤاتية لشرعة الخلود : (وَهُدىً وَرَحْمَةً) وهنا (يُبَيِّنُ لَكُمْ) تعمهما.
(يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) التي بعدّتكم بطبيعة حال الفترة الرسولية عن طبيعة الرسل والرسالات الإلهية : «أرسله على حين فترة من الرسل واختلاف من الملل وانقطاع من السبل ودروس من الحكمة وطموس من أعلام الهدى والبينات» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٠٢ في الكافي بسند عن عبد العظيم بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن (ع) يخطب بهذه الخطبة : الحمد لله العالم بما هو كائن ـ إلى أن قال ـ : وأن محمدا (ص) عبده ورسوله المصطفى ووليه المرتضى وبعثه بالهدى أرسله ..
أقول : والروايات في سني تلك الفترة مختلفة بين / ٥٠٠ سنة و ٦٠٠ سنة ، كما هي مختلفة في أن فيها رسلا أم لا والمصدقة من الأخيرة ، تصدقها آية الفترة أن هذه السنين كانت خلوا من الرسل ، مهما كان فيها أوصياء غير معصومين وعلماء.
وإليكم بعضا من هذه الأحاديث ففي نور الثقلين ١ : ٦٠٢ عن تفسير القمي سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام فقال : أخبرني كم بين عيسى ومحمد عليهما ـ