فتعالوا الآن معي لنقضي فترة في الحصول على المعني من (فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) إذ لم تأت في القرآن إلا في هذه المرة اليتيمة.
فالفتور لغويا هو سكون بعد حدّة ولين بعد شدة ، وضعف بعد قوة ، ففترة من الرسل تعني انقطاعا في سلسلة الوحي بانقطاع الرسل لردح من الزمن ، إذ لا يوجد رسول فاتر في رسالته ، وفترة الرسالة هي سكونها بعد حراكها بانقطاع رسلها الداعية ، فحين تنقطع الرسالة بدعاتها الرسل ، لفتور القوة الدعائية ، ولا سيما بين الألدّاء من الأقوام ، فعند ذلك الطامة الكبرى وكما يروى عن الإمام علي أمير المؤمنين من خطبة له : «أرسله على حين فترة
__________________
ـ السلام من سنة! فقال : أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال : أخبرني بالقولين جميعا ، قال : أما بقولي فخمسمائة وأما بقولك فستمائة ، وفيه عنه عن بشير النبال عن أبي عبد الله (ع) قال بينا رسول الله (ص) جالسا إذ جاءته امرأة فرحب بها وأخذ بيدها وأقعدها ثم قال : ابنة نبي ضيعه قومه خالد بن سنان دعاهم فأبوا أن يؤمنوا ، وفيه عن كمال الدين وتمام النعمة عن الصادقين مثله وفيه فصافحها وأدناها وبسط لها رداءه ثم أجلسها إلى جنبه ثم قال : «هذه ابنة نبي ضيعه قومه خالد بن سنان العبسي وكان اسمها محياة بنت خالد بن سنان» أقول : أخذ بيدها فصافحها ، مما يطرد الروايتين مع أنهما خلاف نص آية الفترة ، وفيه عن كمال الدين عن أبي عبد الله (ع) عن النبي (ص) يقول في حديث : وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصفا وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا وأوصى يحيى بن زكريا إلى منذر وأوصى منذر إلى سليمة وأوصى سليمة إلى بردة ثم قال رسول الله (ص) : ودفعها إليّ بردة وأنا ادفعها إليك يا علي.
أقول : ومما يحير العقول قول الصدوق بعد ذكر هذه الأحاديث في كمال الدين : يعني الفترة أنه لم يكن بينهما رسول ولا نبي ولا وحي ظاهر مشهور كمن كان قبله وعلى ذلك دل الكتاب المنزل أن الله عز وجل بعث محمدا (ص) على حين فترة من الأنبياء والأوصياء ولكن قد كان بينه وبين عيسى عليهما السلام أنبياء وأئمة مستورون خائفون منهم خالد بن سنان العبسي نبي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر لتواطئ الأخبار بذلك عن الخاص والعام وشهرتهم عندهم وكان بين مبعثه ومبعث نبينا (ص) خمسون سنة ، أقول : لا معنى لخفاء الرسول والنبي حيث الإجهار من لزامات الرسالة ، ثم الفترة تقتضي انقطاع الرسالة جاهرة وخافية.