وأوصاب تهرمهم ، وأحداث تتابع عليهم.
ولم يخل سبحانه خلقه من نبي مرسل ، أو كتاب منزل ، أو حجة لازمة ، أو محجة قائمة ، رسل لا تقصر بهم قلة عددهم ، ولا كثرة المكذبين لهم ، من سابق سمي له من بعده ، أو غابر عرفه من قبله ، على ذلك نسلت القرون ، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء وخلفت الأبناء» (١).
ذلك ، «وليقيم الحجة به (آدم) على عباده ، ولم يخلهم بعد أن قبضه ، مما يؤكد حجة ربوبيته ، ويصل بينهم وبين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبياءه ، ومتحملي ودائع رسالاته قرنا فقرنا ، حتى تمت بنبينا محمد (ص) حجته ، وبلغ المقطع عذره ونذره» (الخطبة ٨٩ / ٣ / ١٧٤).
وهكذا «فاستودعتهم في أفضل مستودع ، وأقرهم في خير مستقر ، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام ، كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف ، حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد (ص) .. أرسله على حين فترة من الرسل ، وهفوة عن العمل ، وغباوة من الأمم ..» (الخطبة ٩٢ / ١٨٥).
فقد «بعث الله رسله بما خصهم به من وحيه ، وجعلهم حجة له على خلقه ، لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار إليهم ، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق ـ
ألا إن الله كشف الخلق كشفة ، لا أنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم ، ومكنون ضمائرهم ، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء» (الخطبة ١٤٢ / ٢٥٥).
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ١ / ٣١.