«وبعث إلى الجن والإنس رسله ، ليكشفوا لهم عن غطاءها : ـ الدنيا ـ وليحذروهم من ضرائها ، وليضربوا لهم أمثالها ، وليبصروهم عيوبها ، وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف مصاحها وأسقامها ، وحلالها وحرامها ، وما أعد الله للمطيعين منهم والعصاة ، من جنة ونار ، وكرامة وهوان» (الخطبة ١٨١ / ٣٣٠) ..
«فيا حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة» (الخطبة ٦٢ / ١١٨) «فقد أنذر الله إليكم بحجج مسفرة ظاهرة ، وكتب بارزة العذر واضحة» (الخطبة ٧٩ / ١٣٤).
«اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، إما ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك الأقلون عددا ، والأعظمون عند الله قدرا ، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم» (١٤٧ ح / ٥٩٥).
أجل (.. قَدْ جاءَكُمْ ... أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) فمن مهامّ الأهداف في هذه الرسالة الأخيرة هو قطع الأعذار عن بكرتها عن (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) فقد قضت علينا الفترة الرسالية وحرفت كتب السماء عن جهات أشراعها ، فلا هي معصومة تصلح الرجوع إليها والاعتماد عليها ، ولا «جاءنا» بعد الرسل والكتب السالفة (مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) معصوم يعتمد عليه مهما كان العلماء كثرة ، ولكنهم كانوا منجرفين بالجوارف ومنخرفين بالخوارف إلا القليل من الضعفاء في مسرح الدعوة.
فلقد ضعفت الدعوة والدعاية وابتعدت الحجة زمن الفترة لحد كادت أن تكون حجة الضالين بالغة ـ ولن تبلغ ـ فابتعث الله ذلك الرسول العظيم بهذه الرسالة العظيمة قطعا لكل الأعذار والحجج منذ بزوغها إلى يوم الدين.
فلو لا هذه الرسالة واستمر زمن الفترة لكانت الحجة على الله ـ وعوذا