الكمية والكيفية وما معهما من نعم خاصة منقطعة النظير بين العالمين ، و «العالمين» هنا هو عالمي زمن القيادتين الإسرائيليتين منذ آدم عليه السلام ، حيث القيادة المحمدية (ص) هي أعظم القيادات على الإطلاق في كل الحقول والحلقات.
فمن ملوك بني إسرائيل روحيا رساليا وزمنيا يوسف وداود وسليمان عليهم السلام ، ومنهم زمنيا طالوت ، ومنهم روحيا سائر رسلهم مهما كانت لهم سلطات زمنية جزئية.
ف (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) جعل خاص للنبوات الإسرائيلية مهما شملت قيادات زمنية ، و (جَعَلَكُمْ مُلُوكاً) تعم كافة السلطات الإسرائيلية بدرجاتها ومختلف ظروفها ، فكل شخص يملك نفسه ولا يملك هو ملك ، وإذا ملك غيره فهو أملك حتى يملك طليق الملك على كافة الناس أم ومن سواهم.
فقد تعني «ملوكا» هنا جمع الملك والمالك ، أم إن الملك أعم من المالك مهما اشتهر في الملك الخاص.
وهنا (جَعَلَكُمْ مُلُوكاً) دون (جَعَلَ فِيكُمْ) دليل شمول الملك للمرسوم المعروف وغيره ، حيث أخرجهم الله من أسر السلطة الفرعونية فملكوا أنفسهم بعد ما كانوا مملوكين لا دور لهم ولا كور ، وأصل الملوكية هو الحرية الشخصية ، ومن ثم أن يملك الحر ما سواه ومن سواه ، روحيا أو زمنيا أم كليهما.
إذا فقد تعم (جَعَلَكُمْ مُلُوكاً) مثلث الملك ، شخصيا أم جماعيا ، روحيا أو زمنيا(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٦٩ عن النبي (ص) قال : كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وامرأة كتب ملكا ،وفيه عن زيد بن أسلم قال قال رسول الله (ص): من كان له بيت وخادم فهو ملك.