بطائفة دون أخرى وكما خاطب علي أمير المؤمنين (ع) أضراب هؤلاء اليهود قائلا :
«أيها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يطمع فيكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل ولعمري ليضعفن لكم التيه من بعدي أضعافا خلفتم الحق وراء ظهوركم وقطعتم الأدنى ووصلتم الأبعد» (١).
فنفس الهجوم على العدو ولا سيما بطمأنية الإيمان وأمر الله وضمانه للغلبة ، ذلك مظهر من مظاهر القوة القاهرة للداخل المهاجم ، فيهابه المهاجم عليه مهما كان أقوى منه ، فإنه يزدادك قوة وينقصه عن قوته ، فالضربة الأولى هي القاضية على المضروب ، سادّة عليه كل الدروب للفرار عن النكسة ، أو القرار للتغلب.
وهكذا يكون دور الحجاج أن الغلبة الأولى قاضية وإن لم تكن حقة فضلا عن الحاقة.
فعلى المحاور المحق أن يقدم في حواره أقسى الضربات حتى يربح أقصاها ، ومن تلتيكات الحوار الناجحة أن تصغي إلى محاورك فتعرف كل ما عنده من حجة ، ثم تبتدر في الإجابة عنه أضعف نقطه فتركز عليها بضربة قاسية قاضية ، وبذلك تنجح على مدار الحوار.
فشكلية الحوار هي قد تكون أهم من مادتها ، والجمع بينهما كأحسنهما وأقواهما أجمع وأقوى في النضال ، وكما تعرّفنا إلى كل صنوف الجدال على أضواء القرآن في سرده محاورات الله وأنبياءه.
ذلك الجهل الكافر والتخلف العاهر من بني إسرائيل ونحن نقول يا
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٠٩ عن نهج البلاغة للسيد الشريف الرضي عنه عليه السلام.