رسول الهدى محمد (ص) : لا نقول كما قالت بنو إسرائيل .. «والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك» (١).
وهكذا يحرج الجبناء فيتوقحون ويفزعون من الخطر أمامهم فيرفسون بأرجلهم كالحمر المستنفرة فرت من قسورة ، بل يريد كل امرئ منهم أن يخدمه الله ورسوله وهم في أريحيتهم عائشون.
وهذه هي نهاية المطاف بموسى في رسالته المليئة بالعقبات والعقوبات والنكرانات واحتمال كل الرذالات والانحرافات والالتواءات من بني إسرائيل ، نكوصا عن الأرض المقدسة ، وارتدادا إلى أدبار الجاهلية والوخزة الفرعونية ، فما ذا يصنع ـ إذا ـ بهؤلاء وقد وصل النكران إلى ذلك الحد القاحل الجاهل؟.
ماذا؟ إلّا أن يلتجئ إلى ربه داعيا ملتمسا أن يفرق بينه وبينهم وقد فعل :
(قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ٢٥.
دعوة مليئة بالآلام والأسقام مع الاستسلام ، دعوة الفراق بينه وبين
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٧١ ـ أخرج أحمد والنسائي وابن حبان عن انس أن رسول الله (ص) لما سار إلى بدر استشار المسلمين فأشار عليه عمر ثم استشارهم فقالت الأنصار يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله (ص) قالوا «لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها ...».
وفيه عن ابن مسعود قال لقد شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما عدل به آتى رسول الله (ص) وهو يدعو على المشركين قال والله يا رسول الله (ص) لا نقول كما قالت بنو إسرائيل ... ولكن نقاتل عن يمينك وعن ياسرك ومن بين يديك ومن خلفك فرأيت وجه رسول الله (ص) يشرق لذلك وسر بذلك.