فيه من فرق فيه لهم فرق يرجعهم عما كانوا فيه من طيش ، عذاب فارق بينهم وبينهما ، ومن ثم فارق الموت بعد دخولهم في الأرض المقدسة ، كما فرق بينهما وبين جمع منهم ماتوا في التيه.
(قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)٢٦.
هل «قال» الله إجابة لدعوته (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ..) وهذا فراق بينهم وبين الأرض المقدسة دونه وإياهم وقد تطلب (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)؟ ، علّ الفاء في «فإنها» إشارة إلى تحريمها عليهم عقوبة وهي كافية في الحكمة التربوية ، وأما «فافرق» فلا تصلح الفراق بين رسول ومرسل إليهم إلّا بموتهم أو موته ، وهل مات موسى (ع) في التيه (١) بعد ما عاش معهم ردحا فيه فخلفه يوشع بن نون في رسالته (٢) إذ مات خليفته الأولى هارون قبله ، وقد يروى أن قبر موسى قذفة حجر من الأرض المقدسة (٣)؟ ذلك لا تناسب الآيات التالية ولا سيما «أدخلوا مصرا ..».
وترى ما هي وأين هي أرض التيه؟ إنها بطبيعة حال خروجهم عن مصر
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٠٨ في الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) مات داود النبي (ع) يوم السبت مفجوعا فأظلته بأجنحتها ومات موسى عليه السلام في التيه فصاح صائح من السماء مات موسى وأي نفس لا تموت؟.
(٢) المصدر في كتاب كمال الدين وتمام النعمة بأسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفر عليهما السلام حديثا طويلا يقول فيه : ان الله تبارك وتعالى أرسل يوشع بن نون إلى بني إسرائيل من بعد موسى بنبوته بدؤها في البرية التي تاه فيها بنو إسرائيل.
(٣) الدر المنثور ٢ : ٢٧٢ ـ أخرج عبد بن حميد عن الحسن قال لما استسقى موسى لقومه أوحى الله إليه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فقال لهم موسى ردوا معشر الحمير فأوحى الله إليه قلت لعبادي معشر الحمير وإني قد حرمت عليكم الأرض المقدسة قال يا رب فاجعل قبري منها قذفة حجر فقال رسول الله (ص): «لو رأيتم قبر موسى لرأيتموه من الأرض المقدسة قذفة بحجر».