ذلك ، ولم يسبق هذا النص المزري بحق الرسولين الكريمين إلّا قصة إخراج الماء من الحجر بأمر الله حيث ١٠ «قال لهم اسمعوا أيها المردة. أمن هذه الصخرة نخرج لكم ماء.١١ ورفع موسى يده وضرب الصخرة بعصاه مرتين فخرج ماء غزير. فشربت الجماعة ومواشيها. فقال الرب ...».
وحصيلة المعني من دعاءه (ع) باستجابته أن الله حرم عليهم الأرض المقدسة أربعين سنة ، وليس على موسى وهارون وسائر المؤمنين ، فقد يلمح أنهما مع هؤلاء كان لهم الدخول إلى الأرض المقدسة خلال الأربعين على أية حال حتى إذا دخلوا مصرا.
إذا فلم يكن موت موسى (ع) في التيه ، ولم تكن استجابة دعاءه في الفرق بينه وبينهم إلّا بفارق عذاب التيه حيث قال (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) دون «عليكم».
وهكذا تكون أدعية الصالحين ، غير جازمة فيما يطلبون ، وإنما حسب المصلحة الربانية ، ولم يكن لحاضر موسى من العقدة إلا (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) وبناء عليه (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) وقد فرق بينهما وبينهم بما فرق.
فهنا في «فافرق ..» المتفرعة على (إِنِّي لا أَمْلِكُ ..) احتمالات عدة :
١ «فافرق» بعزلي عن هذه الرسالة؟ وتطلّب العزل عضل من رسول معصوم وفرية جهل على الله تعالى كأنه جهل صلاحية هذه الرسالة فليعزله عنها حين لا يملكها!.
٢ «فافرق» بتركي حوزه المسئولية في هذه الرسالة ، انعزالا عن هؤلاء المرسل إليهم إلى عزلة خالية عن الدعوة؟ وتطلّب الانعزال لا يناسب (عُذْراً أَوْ نُذْراً) في الرسالات كلها ، ولقد ظلم ذا النون (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً ..) حيث ترك حوزه الدعوة دونما استئذان من الله!.