فإنهما من الناسخة غير المنسوخة لمكانهما في المائدة ، تحليقا على كل محاربة ضد الألوهية والرسالة ، وكل سعي في إفساد الأرض ، فهما المحوران الأصيلان في هذه الحدود الأربعة المخلّفة عن تخلف المحاربة وسعي الإفساد.
(إِنَّما جَزاءُ) تحصر جزاءهم في الدنيا في هذه الأربع ، فلا أغلظ منها ولا أخف.
و «الذين ..» لا يختص بالمرتدين عن الإسلام فالفطري منه يقتل ولا تقبل توبته ، دون شرط المحاربة ، ولا يجوز الاقتصار في المرتد على الثلاثة الأخرى ، والأولى يكفيها الارتداد ، وهذا النص يقتضي سقوط الحد بالتوبة قبل أن تقدروا عليهم ، ولا يسقط في حق المحارب والساعي في فساد الأرض ، والمرتد مليا يسقط حده مطلقا والفطري لا يسقط حده مطلقا.
ثم ولا يختص بالمسلم لمكان إطلاق النص ، وأن محاربة الله ورسوله وسعي الإفساد بعيدة عن المسلمين إلّا من شذ عن إسلامه.
إذا فنحن مع إطلاق النص حيثما انطلق ، دون تقييد له ولا تخصيص إلّا بقرينة قاطعة متصلة كانت أم منفصلة.
محارب الله ورسوله والساعي في الأرض فسادا أعم من الكافر المطلق والكتابي والمرتد والمسلم ، حيث الوصفان هنا هما موضوع الحكم أيا كان الموصوف.
ثم الساعي في الأرض فسادا قد يكون أعم من المحارب ، حيث الفاسق المعلن بالفسق من المسلمين قد لا يعني من إفساده محاربة الله ورسوله ، إذا فبينهما عموم مطلق ، والمحارب هو أفسد مصاديق المفسد في الأرض ، فليكن الجزاء الأشد بين هذه الأربع بحقه.
ثم محاربة الله لا تعني ـ بطبيعة الحال ـ شهر السلاح ضد الله ، بل هي