وغيرها من جريمة ، أنه لا يتفق مع ما وصلت إليه الإنسانية والمدنية المتحضرة ، ويكأن هذه المدنية لا ترجح صالح الطمأنينة الجماعية على تلكم العقوبات الرادعة الشخصية! فهي كأم هي أرحم من الضئر للولد ، وما دامت عقوبة الحد كشوط أخير في الرّدع عن الجرائم ـ ملائمة مصلحة للفرد وصالحة للجماعة فهي ـ إذا ـ أفضل العقوبات وأعدلها.
ذلك ، وبالنظر إلى أن الحد ليس إلّا بعد البيان والبينة ، وفي غير الملابسات العاذرة ، ضرورة أماهيه مما تعذر المجرم أم تخفف جريمته ، فلا علاج لمشكلة الجرائم العامدة العاندة إلّا الحدود المرسومة في شرعة الله ، وفي كلمة واحدة : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
أجل وإن العقوبة نكال من الله حيث تردع عن ارتكاب الجريمة من ارتكبها فارتبك بها ، أو من تحدث نفسه بها ، ونوال للجماعة المؤمنة حيث توفر لها الطمأنينة ، ولم تطبق هذه العقوبات بداية الإسلام إلا زهاء قرن من الزمان إلا وقد طهرت المجتمع عن أوزارها وأوضارها.
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ