أو من بيت المال ، فهي ـ إذا ـ سرقة غير معذورة ، فإنها تطاول على أموال الآخرين دون حق ، وبطالة عن الحصول على المال الحلال ، وخلق جو اللاأمن بين المسلمين الآمنين ، فأما حين توجد شبهة في سبب السرقة ، فعلها لضرورة أم حق أماهيه فلا حد إذ تدرء الحدود بالشبهات (١).
ثم ولا حدّ على المؤتمن على مال إذا خان فيه ، ولا المأذون بدخول مكان إذا أخذ منه مالا غير محرز ، ولا على الثمار في الحقل حتى يؤويها الجرين ، ولا على المال خارج الحرز أيا كان ولا ما أشبه مما لم تتوفر فيه شروط الحد سارقا ومسروقا وظرفا للسرقة.
فأين ـ إذا ـ الهمجية في سنّ حد السرقة وما سواها من جرائم ، وهو حدّ من شيوع اللاأمن بالنسبة للأعراض والنفوس والأموال ، فحين تقطع يد واحدة سارقة متعمدة مقصرة ، أفهذا أقسى للجماعة المسلمة أم تحرير الأيادي السارقة تستمر في السرقة ، ولا يعالجها السجن ، فإن عقوبة السجن إضافة إلى أنها لا تخلق في نفس السارق العوامل النفسية التي تصرفه عن جريمة السرقة إلّا مدة السجن ، قد يتعقد نفسيا أكثر فيعقد على سرقة أكثر أم ويتعلم من سائر السجناء فنونا أخرى في السرقة ، ونفس بقاءه في السجن تعطيل له عن السعي وراء المعيشة ، وعبء على بيت مال المسلمين.
ذلك ، ووصمة الحد تصد السارق عن تكرار السرقة ، كما وهي نبهة لمن يهون في سرقة ، ثم اليد المقطوعة علم بارز للغافلين ، وعلم للذين يعيشون مع السارق لكي يأخذوا حذرهم عنه كيلا تتكرر الجريمة.
ولا ينقضي العجاب من هؤلاء المتفرنجين المعترضين على حد السرقة
__________________
(١) لذلك لم يقطع عمر في عام الرمادة حينما عمت المجاعة ، ولم يقطع كذلك في حادثة خاصة عند ما سرق غلمان ابن حاطب ابن أبي بلتعة ناقة من رجل من مزينة فقد أمر بقطعهم ولكن حين تبين له أن سيدهم يجيعهم درأ عنهم الحد وغرم سيدهم ضعف؟ الناقة تأديبا له.