وقد يروى عن النبي (ص) أنه قال : «أحلت لي ميتتان ودمان» (١) فالمقصود من «ميتتان» الجنين الميت بذبح أمه ، والسمك الميت خارج الماء ، وأما الدمان فهما الدم غير المسفوح المتخلف في الذبيحة ، والدم الذي ليس في موقف السفح كدماء غير الحيوان أو الحيوان الحل الذي لا يسفح دمه كالسمك.
ف «الدم» مهما كان طليقا في حقل سائر الحيوان ولكنها الدم المسفوح من بهيمة الأنعام ففي ذلك الحقل الدم المسفوح هو المحرم وفي سائر الحقل كل دم من كل حيوان محرّم إلا ما أحل كالسمك والروبيان وما أشبه مما ليس له دم مسفوح.
فمثلث الدم ، من بهيمة الأنعام ومن سائر الحيوان ومن سائر الدم مهما كان يشمله «الدم» في الآيات الثلاث ، ولكن الدم من غير الحيوان خارج عن الإطلاق حيث الآيات تتحدث في حقل الحيوان ، والدم في بهيمة الأنعام مقيد بآية الأنعام بالمسفوح ، والدم في سائر الحيوان حرام كنفس الحيوان مهما شمله إطلاق الدم نسبيا هنا أم لم يشمله.
٣ (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ)
هنا قد تلمح (لَحْمُ الْخِنْزِيرِ) دون طليق «الخنزير» أن مصب الحرمة في هذه المذكورات هو الأكل ، وأما سائر الانتفاعات التي تنحو نحو الأكل فلا تحرم ، وهي لمحة لامعة قد تجعل طليق (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) وما أشبه ، مقيدة بأكلها ، مهما حرم بيعها وشراءها ـ أيضا ـ لأكلها ، لسقوط القيمة من هذه الجهة.
__________________
ـ أقول وفي الوسائل ٤٥٢ باب تحريم استعمال جلد الميتة وغيره مما تحله الحياة ، أحاديث متعارضة في الجواز وعدمه وقد يحمل عدمه على البيع دون إعلام وما أشبه والأصل هو الآية.
(١) آيات الأحكام للجصاص ٣ : ٣٧١.