وقد ذكرت حرمة لحم الخنزير في البقرة (١٧٣) والنحل (١١٥) ويختص في الأنعام ب (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (١٤٥) مما يشدد تحريمه.
ولمحة أخرى في (لَحْمُ الْخِنْزِيرِ) التدليل على ذاتية حرمة لحم الخنزير وإن ذبح على الوجه الشرعي ، وأن حرمة سائر المذكورات من ذوات اللحوم عرضية لموت أو إهلال لغير الله به أو استقسام بالأزلام أو ذبح على النصب ، فلا تدل (لَحْمُ الْخِنْزِيرِ) على حلية أو طهارة سائر أجزاءه ، لا سيما وأن الكلام ليس حول النجاسة ، بل المحور الأصيل هو الأكل.
ذلك ، ثم الدليل على نجاسة الخنزير بكل أجزاءه (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) في آية الأنعام لرجوع الضمير إلى الخنزير ، وحتى إذا رجع إلى لحمه فلا ريب في عدم الفرق بين لحمه وسائر أجزاءه لمكان الرجاسة الذاتية لها ، ولكن «الرجس» لا تعني فيما عنت النجاسة العينية ، بل هي نجاسة الأكل هنا أكثر من غيره أم وسائر القذارات عملية أم خلقية أماهيه.
وليس تحريم لحم الخنزير ـ فقط ـ للجراثيم الخليطة به حتى إذا نظفوها عنه حلّ ، إنما لأنه لحم الخنزير مهما جهلنا بالغة الحكمة فيه ، ومنها تأثيره السيّء على الأرواح ـ انعكاسا لخلق الخنزير ـ من الدياثة وزوال الغيرة.
وإضافة إلى أن لحم الخنزير أضرّ أكل على الطعام والشهوات وأشرهه ، إنه يورث نفس الخلق اللئيمة التي هو عليها ، ثم الثابت في علم الصحة أن الدودة الوحيدة (ترشين) لا تكون إلا من أكل لحم الخنزير.
ولقد نرى انعكاس الدياثة على هؤلاء الغربيين المستحلين للحم الخنزير رغم أن الكتابات التي يقدسونها وحيا تحرمه كما تحرم الميتة والدم (١).
__________________
(١) في سفر اللاويين من التورات الإصحاح الحادي عشر : ٧ ـ والخنزير .. «فهو نجس لكم ٨ من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا إنهما نجسة لكم».
ومثلها في سفر التثنية ١٤ : ٨ ، وفي شعياء ٦٥ : ٤ ، وفي إنجيل لوقا ١٥ : ٥ أن تربية الخنزير ـ