فلا يعني (أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) إلّا استقسام بهيمة الأنعام بضرب القداح ، فمن أصاب قدحه فله ما أصاب قدره ، ومن لم يصيب قدحه فهو محروم ، وذلك فيما يشترونه جماعة مع بعض بسهام متساوية ثم يستقسمونه بأزلامهم
وموضوع الحرمة هنا هو نفس الاستقسام سواء ذكيت تذكية شرعية ثم استقسمت فمحرمة للاستقسام ، أم قتلت بنفس الاستقسام فمحرم من الجهتين.
«ذلكم» المذكور من المحرمات «فسق» ذو زواياه الإحدى عشر (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) حسب المرسوم في شرعة الله ، المسرود في الكتاب والسنة ، ولأن (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) مذكورة بعد الست الأولى فقد لا تشمل الأخيرتين ، وحق ألا تشمل لمكان «ذبح» حيث لا يبقى مجال للتذكية ، وكذلك (أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) فإنه ذبح بالاستقسام ، اللهم إلّا أن تدركها حية فتذكيها ، إذا فما جعل على النّصب وأخذ في ذبحها ولما تذبح ، وما استقسمت بالأزلام ولمّا تمت ، إنهما داخلتان في حلّ الاستثناء (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ).
وهنا تساؤلات حول ذبح الحيوان المحلّل ذبحه ، منها أنه خلاف الرحمة وقد (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) فكيف يسمح للإنسان أن يذبح حيوانا لأجل أكله ، وقد كان يكتفي بأكل ميتات الحيوانات ، تنحيا عن تلك القساوة؟! ، ولكن أكل الميتات فيه مضرات روحية وأخرى بدنية يعرفها علم الصحة ، والذبح الإسلامي مما يسدّ كل ثغرة إليها بصورة طليقة.
وأما السماح في أصل الذبح فذلك من باب تقديم الأهم على المهم ، فإن جانبا من حياة الإنسان مربوط بأكل من اللحم ، فيسمح به حفاظا على حياته الأهم أم غزارتها ونضارتها وقوتها ، ثم الله يعوّض الذبائح يوم القيامة كما