بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢٧ :) ٧٦).
وفي جملة مختصرة (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ...) (١٧ : ٩) فمهما كانت كتب السماء كلها قيّمة ، ولكنها ليست إلّا لردح خاص من الزمن وأهليه ، لا تصلح لإقامة المكلفين إلى يوم الدين ، لكلّ قوامة معينة لهم من رب العالمين.
وترى حين يكون كيان القران ـ العام ـ الهيمنة الطليقة على كل كتابات السماء ، أفلا يكون مهيمنا على نفسه بيانا وتبيانا ، أم لا يكون مهيمنا على ما يروى عن الرسول (ص) والأئمة المعصومين من آله عليهم السلام.
أجل ، وكما الله مهيمن على الكائنات كلها دون شريك ولا معين ، كذلك قرآنه العظيم له الهيمنة الطليقة المطبقة العميقة على الوحي كله دونما ندّ ولا شريك ، وما السنة المحمدية (ص) إلّا شرحا هامشيا له دونما استقلال له ولا استغلال ، فضلا عما سواها من شهرة أو عقلية أو إجماع ، فضلا عن قياس أو استحسان أو استصلاح فإنها كلها بجنب القرآن هباء منثور ، فلا حجة قيّمة معصومة إلّا القرآن ، أو ما وافقه من المروي عن معصوم.
أجل ، فالهيمنة القرآنية هي الوحيدة غير الوهيدة بين كتب السماء ، كما أن هيمنة الله هي الوحيدة بين كل الكائنات ، لا توازى ولا تسامى.
ذلك ، ومن لزامات الهيمنة القرآنية عدم تحرّفه بجنب خاتميته ، وعدم غموضه في ظواهره ورموزه ، فإنه بيان للناس ونور مبين ، فلا هيمنة طليقة على الوحي كله إلّا للوحي الأخير ، الثابت كما أنزل بلا تحوير أو تغيير ، حيث المحرّف بحاجة إلى هيمنة فلا يكون ـ إذا ـ مهيمنا لما سواه.
وقضيته الهيمنة الطليقة القرآنية فالحاكم بالقرآن مهيمن على الحكم كله وعلى الحكام
كلهم : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا