فإقامة الدين هي المهمة المأمور بها ، دون الإعتقاد الجاف به وكما (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٢ : ١٣) فكما أن غير المؤمن بأسره ليس على شيء ، كذلك المؤمن غير المقيم إيمانه ليس على شيء.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٦٩) :
هذه الآية وأضراب لها تمحور الإيمان والعمل الصالح للعاقبة الحسنى مهما كان المؤمن من (الَّذِينَ آمَنُوا) المسلمين ، أو (الَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) فالمؤمنون منهم العاملون صالحا (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فعلى المسلم المتخلف أن يخاف ويحزن ، وليس على الكتابي ولا الصابئي الصالح أن يخاف ويحزن ، حزنا على عاجله وخوفا عن آجله ، حيث المحور الأصيل للنجاة هو سيرة الإيمان جانحة وجارحة ، دون اسمه وصورته الفاضية عن أصله ، بل هو الفائضة على الأعمال كما الأقوال
ولقد مضى القول الفصل حول الآية على ضوء آية البقرة (٦٢) والحج (١٧) وهنا يبقى سؤال : كيف اختص «الصابئون» هنا بالرفع دون الأخريين ، وقضية العطف على (الَّذِينَ آمَنُوا) كما فيهما النصب؟
«الصابئون» هنا عطف على محل المعطوف عليه (الَّذِينَ آمَنُوا) وعلّه لعناية الاستقلال أنهم كما (الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى. مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فلا دور ـ إذا ـ لما يقال : لا يصح العطف على اسم «إن» بالرفع قبل مضيّ الخبر ، حيث القرآن هو محور الأدب ومرجع الأدباء ، فإن خالفهم فهو