فالإسلام لله في زمن الشرعة الأولى هو التسليم لها ، ثم الإسلام الثاني الإبراهيمي والثالث الموسوي والرابع المسيحي ، كل محدّد بالشرعة الحاكمة في دورها الخاص ، ومن ثم الإسلام منذ بزوغ الشرعة القرآنية هو التسليم لها إلى يوم الدين.
فهنا ثالوث منحوس من حكم الجاهلية ، قد تتمثل في وثنية الشرك وأخرى في انحراف كتابي وثالثة بين المسلمين ، وقد تشملها «حكم الجاهلية» المناحرة لحكم الله.
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) :
لقد نظر الله إلى كل الحاجيات الحاضرة والمستجدّة لكل أمة فشرع لكلّ شرعة من دينه دون أية نقيصة جليلة أو قليلة ، ثم نظر إلى كافة المكلفين إلى يوم الدين فحاسب حسابات كافة المستجدّات والملابسات لهم جماعات وفرادى ، فشرع شرعة القرآن من الدين ، حافلة لكافة المستجدات ، كافلة لكل الحاجات.
والغلطة الشهيرة بين الناس أن توالي الشرائع هي من قضايا تقدم المكلفين في تفهّم حقائق الدين ، الفاسحة لمجال الخيال أن البشرية ـ وبعد أربعة عشر قرنا ـ بحاجة إلى شرعة جديدة تصلح للقمة العقلية والعلمية التقدمية لها.
إن هذه الغلطة ترد إلى أصحابها بنص القرآن : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ... لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) لا ليقدمكم فيما فيه تتقدمون وإلّا لم يكن لتتابع الشرائع من أمد تقف عنده!.
ذلك ، ولأن الجانب الأحكامي من الشرائع لا يفرق بين العالم والجاهل في تلقيها وتطبيقها ، فليس التكامل العلمي والعقلي بالذي يسبب تكامل هذه الأحكام العملية.