ما دعى بعد توفّيه وقبل وفاته ، لكل هؤلاء الذين كانوا معه وإلى يوم الدين ، أن يغفر لهم إن استغفروا ، أو يوفقهم لكي يستغفروا ، فقد وقع دعاءه (ع) موقعه وهو أعلم بما وعى ودعى ، والجواب الصواب عما دعى هو ما :
(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١٢٠) :
هنا (قالَ اللهُ هذا ..) ضابطة ثابتة تحلّق على كل الأقوال والأحوال والأعمال وهي : (يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) والصادقون هم الذين تصدّق أقوالهم أحوالهم وأعمالهم كما تصدق أحوالهم ، أعمالهم وأقوالهم ، صدقا في مثلثه ، وهو النافع اليافع دون أي ضرر.
ذلك والصدق في المقال لزامه صدق الحال والفعال وكما يروى أن رجلا من أهل البدو استوصى النبي (ص) فوصاه أن لا يكذب ثم ذكر الرجل أن رعاية ما وصى به كفّه عن عامة المعاصي إذ ما من معصية عرضت إلّا ذكر أنه لو اقترفها ثم سئل عنها وجب عليه أن يعترف بها على نفسه ويخبر بها الناس فلم يقترفها مخافة ذلك.
ومن نفع الصدق أن كبائر الواجبات فعلا وكبائر السيآت تركا تكفر السيآت كما في آيات ، وأن مراحل خاصة من الصدق تؤهل للشفاعات.
فهؤلاء الناقلون عن المسيح ما نقلوا إن صدقوا في توبتهم عما أقروا وأوبتهم إلى الله ، فقد ينفعهم صدقهم يوم القيامة ، كما وأن الشرك الخفي من بعضهم قد يكفّر بصالح الإيمان والأعمال.
إذا فذلك من الأدب البارع للمسيح (ع) حيث جاء بهذه الشرطية