مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (٥ : ١١٥) ولا يحمل ذلك الجعل إلّا هذه الآية ، فحيث المقام هو مقام التنديد بكفرة أهل الكتاب فليكن للنصارى نصيب كما لليهود ، أم إنهم كالقردة من اليهود و (عَبَدَ الطَّاغُوتَ) من النصارى ، أم كل هذه منقسمة على كل من هو شر مكانا وأضل عن سواء السبيل من جمع أهل الكتاب ، اللهمّ إلّا القردة الخاصة باليهود حسب النص (١) و «من عبد الطاغوت» هم كل هؤلاء الذين استسلموا للطواغيت حيث (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ..)(٩ : ٣١).
وهل إن كل القردة والخنازير هي من أنسال هؤلاء الذين جعلهم الله قردة وخنازير؟ كلّا ، فقد خلقت القردة والخنازير قبل هؤلاء وتستمر ، و «إن الله لم يهلك قوما أو يمسخ قوما فيجعل لهم نسلا ولا عاقبة وإن القردة والخنازير قبل ذلك» (٢) ، «ولكن ذا خلق فلما غضب الله على اليهود فمسخهم جعلهم مثلهم» (٣).
وهذه قضية العدالة الربانية أن يعذب من يستحقه أن يجعل قردا أو خنزيرا دون نسله حيث (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ومن جعل قردا أو
__________________
(١) في تفسير الفخر الرازي ١٢ : ٣٦ قال أهل التفسير عني بالقردة اصحاب السبت وبالخنازير كفار مائدة عيسى وروي ايضا ن المسخين كانا في أصحاب السبت لأن شبابهم مسخوا قردة ومشايخهم مسخوا خنازير.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٢٩٥ ـ اخرج مسلم وابن مردويه عن ابن مسعود قال سئل رسول الله (ص) عن القردة والخنازير أهي مما مسخ الله فقال : ...
(٣) المصدر اخرج الطيالسي واحمد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سألنا رسول الله (ص) عن القردة والخنازير أهي من نسل اليهود؟ فقال : لا إن الله لم يلعن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل ولكن ..