فقير ـ بطبيعة الحال ـ بل هو أفقر من هؤلاء الفقراء ، وكل ذلك تعريض جانبي بخصوص المسلمين نقمة منهم أنهم مسلمون ، فقد أخرجوا هذا القول مخرج الاستبخال لله سبحانه بسائر مخارجه ، وقد بلغ من غلظ حسهم الحيواني البغيض ، وجلافة قلوبهم ألّا يعبروا عن المعنى الفاسد الكاذب الذي أرادوه تعريضا وهو البخل بلفظه المباشر الجانبي ك «ربكم بخيل» فقالوا : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) ـ «إن الله فقير» فانه أشد وقاحة وتهجما وكفرا.
وهنا (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) إخبار وليست دعاء حيث الله لا يدعوا ، فممن يطلب طلبه حين يدعوا ، اللهم إلّا طلبا من نفسه أن يغل أيديهم أو طلبا من مؤمني عباده أن يتطلبوا منه غل أيديهم!.
وقد تعني (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) مثلث المعنى ، فهم مغلولو الأيدي أولا بمعنى ما لسائر الخلق من غل الأيدي ، إذ لا يد طليقة لأي من خلق في أيّ من الأعمال إلّا بما يطلقها الله ، ولا يطلقها طلاقة طليقة كما له تعالى وسبحانه عما يشركون.
ثم هم مغلولو الأيدي لمكان الفقر الجبلي لهم مهما كانوا أغنياء حيث (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) فهم أبخل بخلاء البشر طول تاريخهم ، كما غلت أيديهم عن أن يمسوا من كرامة الله ورسل الله إلّا وهم مفضوحون فيما يعملون.
اجل (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) أنفسهم دون يد الله (وَلُعِنُوا بِما قالُوا) كما (لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ).
(بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) وهنا «يداه» دون «يده» المنقولة في قيلتهم ، لتدل على واسع قدرته ، ف «يده» قد تلمح لبسط جانبيّ ليد الرحمة أم يد