العذاب أماهيه ، ولكن «يداه» هي عبارة أخرى عن قدراته كما يقال : فلان مبسوط اليدين.
صحيح أن اليد تستعمل في اليد الجارحة ، ولكنها مستعملة اكثر منها بكثير في اليد القدرة المديدة ، ولأن الله ليست له يد جارحة فلتجرد اليد واليدان له عن أية جارحة ، إلى سائر اليد علما وقدرة ورحمة ، يد الألوهية والربوبية الطليقة الواسعة لكل شيء.
فقد يعبر عن كل ذلك بصيغة الإفراد ك (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) (٣ : ٢٦) و (بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٣٦ : ٨٣) و (بِيَدِهِ الْمُلْكُ) (٦٧ : ١) و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٤٨ : ١٠) فيما يراد بها الربوبية الموحدة.
وأخرى بصيغة التثنية كما هنا (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) و (أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (٣٨ : ٧٥) و (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٤٩ : ١) فيما يراد بيان كامل الربوبية في بعدي صفات جلاله وجماله ، وعلى أية حال «كلتا يديه يمين» القدرة علما ورحمة رحمانية ورحيمية أماهيه.
فقد يعنى من يديه : يد الخلق والتدبير ، أو يد التكوين خلقا وتدبيرا ويد التشريع بدء ونسخا ، أو يد النعمة الدنيوية والأخروية ، أو يد العذاب والنقمة ، أو يد النقمة الظاهرة والباطنة ، وعلى الجملة يد السلب والإيجاب في ربوبياته كلها حسب المصالح الواقعية أو الابتلائية ، وقد تعني «يداه» كل هذه المثنيات على البدل ، ومعها بسط اليدين بمعنى طليق اليد في كافة الشؤون الربانية (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٩٧ ـ اخرج من عدة طرق عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص): ان يمين الله ملء لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه قال وعرشه على الماء وفي يده الأخرى القبض يرفض ويخفض.