السامية! فهو في وحدته يحمل كل رسالات الله! ف (إِنْ لَمْ تَفْعَلْ) تبليغ (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) وأنت في حالة الارتحال إلى ربك بين آونة وأخرى (فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) المتمثلة فيما ربّاك به ربك رسولية ورسالية.
ذلك ، لأن «من ربك» تجمع تلك التربية الرسولية والرسالية القمة المنقطعة النظير عن كل بشير ونذير ، وهي الشرعة الخالدة القرآنية بمن ينذر بها ويبشر إلى يوم الدين كما (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ).
أتراها بعد أنها التوحيد؟ وقد بزغت به الرسالة وحتى النفس الأخير ، أم هو من سائر الأصول الاسلامية؟ فكذلك الأمر! فضلا عن فرع من الفروع أم وسائر الفروع! إضافة إلى أن الفروع غير مترابطة لحد لا يصح بعض دون أخرى وهكذا الأصول.
هنا نتأكد أن (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ليس لا من هذه الأصول ولا من هذه الفروع ، حيث الرسول (ص) عاش حياته الرسالية بلاغا لها كلها فور نزول كلّ منها دونما أي إبطاء ، ثم (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) حيث نجد ها هنا ولمرة يتيمة في القرآن كله ، هذه لا تناسب أهم الأصول وهو التوحيد وقد أعلنه منذ البداية حتى النهاية إعلانا وإعلاما دائما دونما تخوّف من جوّ الإشراك ، ولا الرسالة الجديدة الجادّة التي كانت تحاربها الشرعة الكتابية مع سائر الطوائف ملحدين ومشركين ، فضلا عن الفروع الأحكامية المخاطب بها المؤمنون بهذه الرسالة!.
وهذه عساكر من البراهين المجنّدة لتبيين أن (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) لا تعني الوجوه غير الوجيهة المسرودة في بعض الكتابات التفسيرية المشككة ، إنما هي نفس الرسالة المحمدية باستمراريتها إلى يوم الدين ، فهي هي الخلافة العاصمة لها المعصومة كنفس الرسالة ، لأنها استمرارية صالحة لهذه الرسالة السامية ، فمهما صرح القرآن بخلوده ـ في آيات عدة ـ كقانون ، كان مكان التصريح بالقيادة المعصومة الحاكمة بالقرآن خاليا.