ليرى ما فعل : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢) : بصر العين للمعاينة ، وبصر السمع للاستماع ، وبصر البصيرة لدرك ما نوى او اعتقد!.
فإنسان القرآن شاشة تلفزيونية ومسجلة للصوت والصورة والسيرة والسريرة وكتاب للصور والأصوات والسريرات :
(... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً).
ولماذا «نخرج له» لا نخرجه؟ إن «له» هنا توحي بأن هذا الإخراج ليس إلا لعامله شهادة عينيه فجزاء وليس لله فانه يعلمه قبل الإخراج وهو الذي الزمه في عنقه! ولماذا «نخرج ... كتابا» دون «نخرجه كتابا» عله كيلا يتوهم ان الطائر يجعل كتابا يوم القيامة ولم يكن (١) فانما الكتاب هو الطائر والفرق بين نشأتيه انه في الأولى خفية مغفول عنها ، وفي الاخرى ظاهرة محتج بها : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢).
نخرج ما ألزمناه من طائره في عنقه ، نخرجه عنه يوم القيامة كتابا ... لم يكن ليمحى بما اندرست أوراقه حيث بلت ورمدت أعضاء الإنسان وهي أوراق هذا الكتاب! حيث استنسخه العلي القدير : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩) كتاب يحير عقول المجرمين : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (١٨ : ٤٨) وهو من أظهر
__________________
(١) فان الإخراج المركب يوحي بأن الحالة الثانية تختلف عن الاولى ، والإخراج غير المركب دليل الوحدة الحقيقية بين الطائر والكتاب.