ومن ثم يركز قضاء الإحسان بهما على أضيق حالاتهما ، حيث يضاف سوء الخلق الى اعباء الكبر ونظراتهما الطائلة من الناشئة ، أن من واجب الأولاد تحمّل مثلث الأعباء أم ماذا؟ دون تلفّت عنها او تفلّت منها ولا تعنت حتى في أدنى لفظه من قول «أف» :
(... إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً)(٢٤).
... كما بلغت عندهما من الطفولة الى الحلم ، والى الكهولة ام ماذا! ولم تر منهما إلا الإحسان ، إما يبلغن ... (١) ترى وما هي الملائمة بين «إن» الشرطية ونون التأكيد القاطعة؟ علها التأكيد على تحصيل هذا الشرط ان يجدّ الأولاد لكي تستجد عيشتهما عندهم باستمرار ما هما حيان لا أن ينفصلوا عنهما أو يفصلوهما عنهم إذا كبر أحدهما أو كلاهما ، بل ويستمروا في العيشة الراضية معهما ، ويهتموا رقابة على صحتهما إن يكبرا عندهم ، تقديما لكافة الإمكانيات في كافة الجهات للحفاظ على سلامتهما وعلى كونهما عندهم.
أنت كنت عندهما لحد الآن. فليكونا عندك من الآن ، ف «عندك» توحي بحالة الالتجاء فالإلجاء ، التجاء بالتجاء وإلجاء بإلجاء وهو بعد لن تكون جزاء وفاقا حيث الجأك في طفولتك ولا ملجأ لك إلا والداك ، وأنت تلجئهما في شبابك وهما في كهولة او زاد
«فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما
__________________
(١) اما هي ان الشرطية وما المؤكدة حيث تسمح لدخول نون التأكيد. ف «ان» ضرورة لبيان ظرف الشك إذ لا يعلم انهما يكبران عندك ام لا ، ثم «ما» المؤكدة وتقدم «عند» ونون التأكيد الثقيلة ، هذه كلها تأكيدات تفرض على الأولاد ان يقدموا كل امكانياتهم لبقاء هما عندهم وان يكبرا عندهم.