المقدور ...» (١) ف «هو سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع نفسه ويبصر بنفسه ، ليس قولي : «انه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا ، وأقول : يسمع بكله لا ان الكل له بعض ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلا الى انه السميع البصير ، العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى» (٢).
فلقد «سمي ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به ، كما أن جزئنا الذي نسمع به لا يقوى على النظر ، ولكن أخبر أنه لا تخفى عليه الأصوات ، ليس على حد ما سمينا نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى ، وهكذا البصر لا بجزء به ابصر كما أنا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا اليه ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى» (٣).
وهكذا تكون صفات الله الحسنى كافة ، مجردة عما لمن سواه من حدود وقيود ، ما يجب سلبها عن الله ، إذ تختص بمن سواه.
__________________
(١). اصول الكافي باسناده الى أبي عبد الله (عليه السلام) (نور الثقلين ٣ : ١٣٣).
(٢). التوحيد للصدوق عن أبي عبد الله (عليه السلام) (نور الثقلين ٣ : ١٣٤).
(٣) المصدر عن الرضا (عليه السلام) وفيه باسناده الى محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت : جعلت فداك يزعم قوم من اهل العراق انه يسمع بغير الذي يبصر ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال : فقال: كذبوا وألحدوا وشبهوا تعالى الله عن ذلك ، انه سميع بصير ، يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع ، قال : قلت : يزعمون انه بصير على ما يعقلونه؟ قال : فقال : تعالى الله ـ انما يعقل ما كان بصنعة المخلوق وليس الله كذلك.