ومهما كانت في سائر القرآن آيات تتشابه احتمالا للتكامل ، فهي متشابهة ترجع الى أمثال هذه المحكمات (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)!
فلا مجال لخلق آدم ـ على ضوء القرآن ـ إلّا القفزة الطينية ، اللهم إلا لمن يكفر بالقرآن ، ام لا يفكر فيه فيهرف بما لا يعرف ناسبا له الى القرآن! بما تأثر من تخيلات دارونية اماهيه ، تحميلا لها على متشابهات من الذكر الحكيم ، متغاضيا عن محكمات القفزة الطينية اليقينية.
ولئن قلت إن شيطنة العقيدة تضرب الى شيطنة التفهم عن خلق آدم ، و (خَلَقْتَ طِيناً) من اجتهاد الشيطان؟.
فالجواب : ان الرحمان ليس ليصدق الشيطان فيما يكذب وإلّا أصبح القرآن البيان كتاب الشيطان ، فلا تجد في القرآن استعراض ضلالة إلّا في إعراض وابطال كما هو قضية كتاب الهدى وإلّا أصبح من كتب الضلال ، فهنا السكوت عن إبطال (خَلَقْتَ طِيناً) ومن ثم في آيات تناظرها التصريح بطينية آدم برهان لا مردّ له على تصديق لقوله أكيد ، فليست كل مقالات الشيطان باطلة ، وانما يخلط حقا بباطل إضلالا ، وليس يستطيع الشيطان أن يكذب ربه فيما خلق وفي مواجهة خاصة (خَلَقْتَ طِيناً)!
ثم الله هو القائل (لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٣٨ : ٧١) لخصوص آدم (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (٢٣ : ١٢) له ولبنيه حيث النطفة سلالة من طين ، كما وأن طين آدم كان سلالة من طين.
ثم الشيطان وإن لم يكن من الملائكة إذ (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (١٨ : ١٥) ولكنه كان في زمرتهم تقدسا وعبودية لله فشمله الأمر كيانا وإن لم يشمله كونا ، كما ولم يعترض هو بذلك على ربه فيما اعترض ،