النية والعمل ، تطابقا في جنباته كلها ، دون نفاق وشقاق ، ودون اية كذبة ولا نقيرا!
صحيح أن على الإنسان أيا كان أن ينتظم دخوله في كل مدخل وخروجه عن كل مخرج بصدق صارم قاطع ، ولكنما هناك العراقيل التي تحول دونه وما يريد متغلّبة على ما يريد وإن قليلا ، فليطلب من الله أن يدخله ويخرجه بصدق ، عصمة عن المزالّ وحفاظا عن الضلال ، والعصمة القمة التي مالها من سباق هي العصمة المحمدية التي يطلها ربّه ليل نهار.
وإن ذلك استسلام تام للرب تبارك وتعالى ، أن يستضيف الى حوله حول الله ، والى قوته قوة الله ، والى ارادته ارادة الله ، بل يرى انه «لا حول ولا قوة إلا بالله» فيجعل نفسه مجالا لمشيئة الله ، فلا يشاء ألّا ما يشاء الله ، بعد ما يكرّس كل طاقاته في تحقيق وتطبيق مرضات الله ،
لقد كان للرسول خروج عن مكة هجرة الى المدينة دخولا فيها ، ومن ثم دخول في مكة يوم الفتح ثم خروج عنها منتصرا مظفرا (١) ، وبين ذلك دخولات وخروجات في مداخل ومخارج شتى لتحكيم الدعوة وتدعيم الرسالة ، وكل ذلك تشمله دعاءه (وَقُلْ رَبِّ ...) كما ادخله وأخرجه صدقا (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً (٢) نَصِيراً) سلطانا من لدن الرب
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٩٨ ـ اخرج احمد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وبان مردوية وابو نعيم والبيهقي معا في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمكة ثم امر بالهجرة فأنزل الله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي ...).