عترته المعصومين (عليهم السلام) : فبه ـ لا سواه ـ «يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا» ، وفي الحق إن هذه الدولة المباركة هي تحقيقة شاملة وتطبيقة كاملة لرسالته في العالمين ، كما تحققت على ضوءها كافة الرسالات الإلهية.
إذا فهي حصالة غالية من كل سلطانه النصير ، المنقطع النظير في كل سلطان نصير ، فانها انتصارة صارمة لرسالة السماء في الأرض ، بعد كل تشرد له بتمرّد مارد من المرسل إليهم طوال التاريخ الرسالي ، والآية التالية تبشيرة لطيفة بحق ذلك السلطان النصير :
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٨١).
اجل (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (٢١ : ١٨)! (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٣٤ : ٤٩).
«انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الأمثال» (١٣ : ١٧)! (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (١٤ : ٢٦).
لقد قال الرسول هذه الكلمة الطيبة فيما قال في سلطانه النصير عند ما فتح مكة وأخذ يكسر الأصنام (١) وإذا لم يزهق الباطل في صورته زهاقه في
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٩٩ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابو يعلى وابن المنذر عن جابر (رضي الله عنه) قال : دخلنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما فامر بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأكبت لوجهها ـ