(فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣٠ : ٢٩)!.
ولان الناس يحشرون كما عاشوا فليحشر هؤلاء العمي البكم الصم (عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) كما عموا تعاميا عن بصائر الله ، وابكموا خرسا لا يتكلمون عن آيات الله ، وإنما لإبطالها وفصلها عن عباد الله ، وصموا عن الاستماع الى كلمات الله ، فهم أولاء يحشرون كما عاشوا ولا يظلمون نقيرا!.
ان الوجه ببصره ولسانه واذنه مخلوق لحكمة المواجهة للحقائق ان يمشي به الإنسان سويا على صراط مستقيم ، فمن يمشي في حياته مكبا على وجهه في الاولى سوف يحشر مكبا على وجهه في الاخرى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦٧ : ٢٢)(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ ...) كما حشروا أنفسهم يوم الدنيا على وجوههم! ف «الذي أمشاهم على أرجلهم قادر ان يمشيهم على وجوههم» (١)
وترى إذ يحشرون هكذا فكيف الترائي والتسامع والتلاسن بين اهل الجنة والنار ، وبين أهل النار أنفسهم مع بعض؟
إن حشرهم هكذا عذاب فوق العذاب ، ومن ثم بعد حشرهم يتبدل عذابهم هذا بآخر فيه يبصرون ويسمعون ويتكلمون كعذاب أخر فوق
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٠٣ اخرج ابو داود الترمذي وحسنة وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة اصناف صنف مشاة وصنف ركبان وصنف على وجوههم قيل يا رسول الله (ص)! وكيف يمشون على وجوههم؟ قال : ان الذي ... اما انهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك أقول وأخرجه جماعات آخرون على اختلافات ولكنها متفقة فيما نقلناه في المتن.