هذه الآيات من صغراها وكبراها الى فرعون وملئه كلها بينات ، ولكنما الفرعنة الحمقاء لا تبقى ولا تذر : (... فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ. فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (٢٧ : ١٤).
ومن ظلم فرعون وعلوه قولته الفاتكة (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) ومجنونا (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) (٢٦ : ٢٧) (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥١ : ٣٩) ف (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) يفسر المسحور انه المجنون ، تعبيران عن حالة واحدة ثانيتهما انه ساحر حيث الساحر ليس ليعني المسحور! فكلمة الحق وبصائره لا تصدر في عرف الطاغية إلّا عن ساحر او مسحور : مجنون : لا يدري ما يقول او يسحر فيما يفعل او يقول!
(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)(١٠٢).
انظر الى رب موسى في مناظرته مع اطغى الطغاة وأحمقهم ، يستند لإبطال كونه مسحورا الى علم فرعون ان هؤلاء نازلة من رب السماوات والأرض بصائر (١) وإذ لا تبتصر أنت بهذه البصائر فلا بصر لك إذا ولا
__________________
ـ والطوفان المذكورين في الثانية دون الأولى ، ثم التوافق في سبعة اخرى. ومن ثم بعض الآيات الخاصة ببني إسرائيل ليست الى فرعون وملئه.
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٣٠ ح ٤٦٢ مجمع البيان وروي ان عليا (ع) قال في «علمت» والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي علم فقال : لقد علمت أقول : هل كذب موسى او استند الى علم نفسه ف «علمت» بضم التاء ، واستناد المناظر على المناظر بعلمه نفسه جهل ، فهذه الرواية مختلقة مخالفة للقرآن كما وتعارضها اخرى في نفس المصدر ح ٤٦٣ في تفسير علي بن ابراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) في قوله «فَأَرادَ