كما وان جعلهم اكثر نفيرا في حربهم «عبادا لنا» ليس إلا إملاء لهم واملالا ، وكل ذلك امتهانا لهم ، وامتحانا ل «عبادا لنا» ولأنهم قلّوا وأولئك كثروا ، وأنهم تخلى عن مناصرتهم مسلموا البلاد ، وأولئك تماسكوا أكثر من المرة الأولى و (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (٣ : ١٩٧).
ثم ورد الكرة عليهم لا يعني القضاء الحاسم على «عبادا لنا» وانما قضاء مالردح قليل من الزمن ، حيث العلو الكبير يختصهم فلا يبقي لهؤلاء الأكارم إلا علوا دون الكبير ، حفاظا على كيانهم ، وتحلّلا عن السيطرة الإسلامية على المعمورة كلها ، عكس ما مضى في المرة الأولى ، حيث الجوس في البلاد ما عنى القضاء الحاسم على الصهيونية ، فلذلك تراها تنبو بعد ذلك وتنموا حتى ترد الكرة عليهم.
ثم (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) في وعد المرة الآخرة ، راجع الى «عبادا لنا» مهما قضى نحبه البعض منهم وخلفه آخرون من أجناسهم دون أشخاصهم ، فهذه الدولة الحقة التي يؤسسها «عبادا لنا» في المرة الأولى سوف تبقى ومن ثم تضعف برد الكرة ردحا من الزمن ، وتتصل بالدولة الأخيرة المهدوية وكما يشير الى ذلك باقر العلوم (عليه السلام): «كأنى بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا الى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر» (١).
__________________
(١) غيبته النعماني ص ١٤٥ ـ ابو خالد الكابلي عن الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام).