الإنسان العجول الجهول قد يطلب خيره بالشر طلبه بالخير فيما هو حقا خير ، او يطلب ما يظنه خيرا وهو شر بالشر : شرا على شر او يطلب ما يراه شرا بالشر فهو في مثلث الشر(١).
فالمستعجل برزقه الذي لا محالة آتيه بعمله قد يطلبه بالشر : سرقة او احتكارا او بخسا في المكيال ام ماذا؟ رغم أنه لا يصله إلا ما قدر له بعمله ، وإذا نا له زائد عليه بشره فلا يناله في فائدة له إلا فاسدة كاسدة.
ولكنما الإنسان المهدي بهدي القرآن كل دعاءه خير ويدعوه بخير ، وفيما يجهل خيره يحتاط مترويا مستشيرا عقله وعقلاء غيره ، متكلا الى ربه على كل حال ، في كل حل وتر حال ، وإذ يدعو ربه فيما يظنه أو يراه خيرا فانما يطلبه بتأديب دون إصرار وتأكيد.
(وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) فعجلة الإنسان بطبعه وخلقته ، دون ان يعدّ لها فيعدّ لها إلى الأصلح متأنيا ، هو الباعث الأهم لدعائه بالشر دعائه بالخير لحد كأن البواعث الاخرى لا موقع لها مع ما لها من مواقعها ، وما هي الصلة بين عجلة الإنسان ودعاءه بالشر دعاءه بالخير؟ إنها تسرّع الشر وسهولة الدعاء به ، وتأني الخير وصعوبة الدعاء به فبدل ان يطلب مطلوبه الخير بالخير يطلبه بالشر استعجالا.
وفي مربع الطلب : شرا بشر ـ خيرا بخير ـ خيرا بشر ـ شرا بخير نرى العجلة لائحة في مقدمات الشر إلى خير أم إلى شر (٢) وأما الخير الى الخير فلا
__________________
(١) الباء هنا للسببية اي يدعو بسبب الشر وواسطته دعاءه بسبب الخير او بدل دعاءه بالخير ، او كدعائه بالخير ف «دعاءه» هنا منصوب بنزع الخافض وفي الاحتمال الاول مفعول مطلق نوعي.
(٢) فالأول على كون دعاءه بالخير مفعولا مطلقا نوعيا والثاني منصوبا بنزع الخافض كدعائه ـ اي يطلب الشر بالشر كأنه يدعو بالخير.