تأنيب فيه ، والخير الى شر كتظاهر المنافق بالزهادة حتى يكيد كيده ، ففيه أشد تأنيب ولكنه لا تشمله الآية حيث تعاكسها ولا استعجال فيه.
و «الإنسان» هنا هو نوعه : من آدم وذريته (١) «وكان» حالة هذا النوع في كينونته العجل : فقد (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٢١ : ٣٧) وعل العجل هنا لآدم «لما خلقه الله نفخ فيه من روحه وثب ليقوم قبل ان يتم خلقه فسقط فقال الله عز وجل : (كانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً)(٢) ثم ولذريته منيّهم الذي يعجل حيث يدفق بعجل لحد سمي عجلا ، وهذه العجلة التي تتبنّى خلق الإنسان ليست الا لحكمة عجلة سيره في مسيرة كماله ، ولكنه يعكسها في دعاء شره او دعاءه بالشر دعاءه بالخير.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً)(١٢).
الليل والنهار آيتان من آيات الله : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ...) (٤١ : ٣٧) حيث يدلان بتخالفهما واختلافهما تلو بعض دائبا دون تخلف ، يدلان على أن خلقهما مدبر باختيار وحكمة قاصدة ، كما وأن الليل في تحوله
__________________
(١) فلو كان المقصود هنا آدم لقال آدم فانه علم له ، ولو كان ذريته لقال بنو آدم ، وأما الإنسان او البشر فهو يشمل هذا الجنس من آدم أبي البشر ومن سائر البشر.
(٢) نور الثقلين ٢ : ١٤٢ عن تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... وفي الدر المنثور : ١٦٦ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن عساكر عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال : أوّل ما خلق الله من آدم (عليه السلام) رأسه فجعل ينظر وهو يخلق وبقيت رجلاه فلما كان بعد العصر قال : يا رب! اعجل قبل الليل فذلك قوله «وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً» وأخرجه ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله.