الى نهار آية للحياة بعد الموت : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٣٦ : ٣٧) فان سلخ النهار من الليل يواطي سلخ الروح من البدن ، ثم رجع النهار خلفه كرجع الروح الى البدن حذوا النعل بالنعل ، إذا فالليل والنهار آيتان تدلان على المبدإ والمعاد ، وفي كل حكمة تقتضيه الحياة سكنا وابتغاء من فضل الله فالليل للراحة والسكون الجمام ، والنهار للسعي والكسب والقيام (١).
وترى ان آية الليل الممحوة وآية النهار المبصرة هما الشمس والقمر ، فإنهما آيتان في هاتين الآيتين : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ...) (٤١ : ٣٧) كما وأن اضافة الآية إليهما تقتضي اختلافها عنهما وأنهما آيتان فيهما؟ فالمذكور هنا كالمذكور هناك آيات أربع!
ام ترى انهما الليل والنهار أنفسهما ، فان آية الليل القمر ليست ممحوة دائبا ، وانما عند الخسوف المطلق وآخر الشهر ، وآية النهار الشمس هي مبصرة بجعلها شمسا لا أن الشمس جعلت مبصرة : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ...) (١٠ : ٥) على أن الشمس ايضا تكسف كما القمر يخسف ، فلا يختصه المحو ويختصها الأبصار ، وان المذكور في الآية : (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) آية الليل هي الليل وآية النهار النهار!.
او يقال إن آية الليل كلا القمر والليل ، وآية النهار كلا الشمس والنهار (٢) فالليل ممحو مظلم ، وقمره لا يكفي نورا وان كان نورا ، على أن
__________________
(١) راجع ج ٣٠ : ١٨ من الفرقان تفسير الآية ٩ ـ ١١ من سورة النبأ.
(٢) فالمراد ـ إذا ـ من الآية جنسها ليلا ونهارا حتى تشمل الآيتين في كل منهما ، او ان آية الليل تعني كلا على حدة واستعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد سائع في القرآن حيث المشكلة الفعلية فيه ليس لله الذي له مقام جمع الجمع في العلم والقدرة.