للقالب ، والصلاة تنقسم حسب درجات الخشوع وكما يروى عن رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) ف «انما الخشوع لمن تمكن وتواضع» (٢) فالصلاة الخاشعة لله هي قطع كافة الصلات عما سوى الله ، فيصبح المصلي موصول القلب وبكليته الى الله ، بإعظام المقام وجمع الاهتمام ، عارفا ذلّه أمام العز المطلق الذي لا يرام ، (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ. الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ).
فخشوعك في صلاتك هو على قدر معرفتك بالله وعقلك عن الله (٣) وحضورك بمحضره ، فمن المصلين من هن غيّب في صلاتهم فما صلاتهم هذه ـ إذا ـ بصلاة ، ولولا امر الله لكانت مزرئة ومسخطة ، وعليهم ان يستغفروا من هذه الصلاة الغائبة غير الخاشعة.
والمصلون هم الذين تستشعر قلوبهم رهبة الموقف بين يدي الله بلقاء الله ، فتسكن وتخشع لله ، فيسري خشوعهم إلى الجوارح والملامح ، ويغشى أرواحهم جلال الله في حضرته ، ويتوارى عن مشاعرهم وحواسهم كل ما سوى الله ، فلا يشهدون الا الله ، ولا يتذوقون الا حظوة لقاء الله ، وعندئذ تتصل هذه الذرة التائهة بمصدرها ، وتجد الروح الحائرة طريقها ، ويعرف القلب المتقلب مثواه ومأواه ، وتتضاءل كل القيم والأقدار الا قدر الله (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)! والصلاة معراج المؤمن ، والمصلي يناجي ربه (٤) فكيف تكون نجوى ومعراجا الصلاة الفاضية عن الخشوع ، الخاوية عن الخنوع لله؟ وافحش الفحشاء وأنكر المنكر لمن لا تنهاه صلاته
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٤ ـ اخرج احمد عن أبي اليسر ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٣ : ٧٧ قوله (عليه السلام) : ....
(٣ ، ٤) المصدر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس للعبد من صلاته الا ما عقل»