(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) (٤٠ : ٦٧).
ولان النطفة مخلوقة في المني كجزء منه ، فالمني مخلوق من طين سلالة عنه ، ولكن النطفة ليست مخلوقة ثانية مع المني ، وكل ما يحصل لها بعد لمرحلة ثانية ان تجعل في قرار مكين من الرحم دون خلق لها ثان ، ولذلك.
(ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) ١٣.
دون ثم خلقنا نطفة ، فانه مخلوق عند خلق المني السلالة عن الطين (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٧٥ : ٣٧) (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) (٥٣ : ٦) فالنطفة تمنى مع مني يمنى ، إذا فليست مخلوقة منه ، بل هي كائنة فيه منذ يمنى ، ثم يجعلها الله في قرار مكين.
وهكذا يقرر القرآن هذه الحقيقة الطينية للإنسان ككل ليتخذها مجالا للتدبر في صنع الله ، تاملا في تلك النقلة البعيدة العجيبة بين الطين وذلك الإنسان دون تفصيل الا انه على أية حال (سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ)
والنطفة هي نقطة منوية ، وهي خلية واحدة من ملايين الخليات السابحات في البحر اللجي المنوي يجعلها الله (فِي قَرارٍ مَكِينٍ) من الرحم ، محميّة عن كافة الاختلاطات والاهتزازات والانصدامات وما يصيب الظهر والبطن من كدمات ورجّات وتاثرات (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ).
وذلك (قَرارٍ مَكِينٍ) مكانا في هندسته وحرارته الخاصة ، ومكانة في حراسته وحفاظته ، فلا مكين أمكن منه وأمتن واحسن تمكينا وضيافة من ذلك المضيف المكين الأمين الرزين الرصين (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ