الْخالِقِينَ)(١).
هذه النطفة التي لا تحسب بشيء في ظاهر الحساب ، الغريقة في ذلك البحر الملتطم ، انها تجعل في قرار مكين «بما مكنها الله ، وأمكن لها كل شروطات النمو والارتقاء ، فخالق كل شيء يجعل هذه اللاشيء في صيانة كاملة لكي يخلق منه إنسانا خلق له كل شيء ، فيا لهذا الإنسان النسيان من كفران بآلاء الرحمن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
هذا الإنسان العظيم العظيم ، بكل اجزاءه الجسمية ، وبكلّ خصائصه الروحية ، كان مختصرا محتصرا في تلك النطفة النقطة الهندسية ، كأنها لا وجود لها فلا تبصر إلا بالمكبرات القوية ، سبحان الخلاق العظيم!
وفي التعبير عن مقر النطفة ب «قرار» مصدرا ، إشارة إلى دور الرحم بالنسبة لها ، كأنه لا شأن له إلا إيوائها ، فهو إذا قرار لا شأن له إلّا ذلك الإقرار.
ثم «مكين» تأكيدة ثانية لاستقرارها في ذلك القرار ، ذي مكنة ومكانة راقية فائقة ، لا تتطرق إليها أية هجمة داخلية ام خارجية ، حيث أعمق أعماق كيان الام ، مستقر قارّ ، ذو مكان مكين لا يضرها فيه ضار.
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ....)
وهي كالدودة العالقة بجدار الرحم ، مرحلة ثانية جنينية لها التقدير الثاني من الدية إذا أسقطت ، فللنطفة عشرون وللعلقة أربعون ،
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٣٤ في الكافي ابن محبوب عن رفاعة قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) في حديث تطور الجنين : وان النطفة إذا وقعت في غير الحم؟؟؟ لم يخلق منه شيء.