فيقال لهم قولة قارعة ضارعة (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) تلاوة البيان من كتاب الشرعة التدوين ، وتلاوة العيان من كتاب الافاق التكوين «فكنتم» على طول خطوطها وبكل خيوطها (بِها تُكَذِّبُونَ) في قال وحال وفعال على أية حال.
وهنا الاعتراف الصارخ القارح ، اعتذارا بغلب الشقوة علّه يخفف عن وطأة العذاب ، وكما كان الاعتراف بالذنب من شروطات استجابة الدعوة يوم الدنيا :
(قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) ١٠٦.
ما كنا غالبين إذ كذبنا بآياتك بل كنا مغلوبين تحت وطأة الشقوة والضلالة ، ولكن من اين جاءت الشقوة وحلت الضلالة الا من أنفسكم تخيرا لها وتسيّرا فهم «بأعمالهم شقوا» (١) فقد كان غلبا مختارا لا يعذركم فيما كذبتم ، ولكنهم على زعمهم القاحل يتطلبون الرجعة إلى حياة التكليف :
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) ١٠٧
وعل ذلك آخر المطاف في سؤالهم المستجدي لعله يجدي وكما يروى
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٦٦ في كتاب التوحيد باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : بأعمالهم شقوا وفيه عن كتاب الاحتجاج عن امير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يذكر فيه احوال المحشر يقول فيه وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ويشهد على منافقي قومه وأمته وكفارهم بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهوده وتغييرهم سنته واعتدائهم على أهل بيته وانقلابهم على اعقابهم وارتدادهم على ادبارهم واحتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لانبيائها فيقولون بأجمعهم (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا).